Twitter Bird Gadget
لعبة المزرعة السعيدة لعبة الفراخ

الكريسماس جذوره وتاريخيته


يحتفل أغلب العالم الآن بعيد ميلاد المسيح، أو (الكريسماس)، في يوم 25 ديسمبر، بينما يحتفل به الأقباط في مصر يوم 29 كيهك الموافق 7 يناير، وتحتفل به الكنائس الأرمينية يوم 6 يناير، ففي أي يوم ولد المسيح؟ ومتى بدأ ذلك الاحتفال وما أصله؟
يجدر بنا أن نبدأ أولًا بمعرفة أصل ذلك الاحتفال ومصدره؛ ففكرة الاحتفال بأعياد الميلاد كانت محل رفض شديد في الكنيسة الأولى، كما تقول دائرة المعارف الكتابية، وأيضًا بحسب الموسوعة الكاثوليكية فإن هذا العيد لم يكن من احتفالات المسيحية القديمة؛ حيث أنها كانت عادة الوثنيين، فكانوا يحتفلون بميلاد الأباطرة وبميلاد الآلهة.
وقد استنكر هذه العادة آباء الكنيسة الأوائل، مثل أوريجانوس (182 – 254م)؛ حيث قال إنه بحسب الكتاب فإن العصاة فقط وليس القديسين هم من يحتفلون بأعياد ميلادهم. وأيضًا فإن كلًّا من: ترتليانوس (160 – 220م)، وإيرينيئوس (130 – 202م)، لم يضما هذا العيد ضمن قوائمهم بالاحتفالات المسيحية.
بحسب دائرة المعارف الكتابية فإن هيبوليتس (170 – 236م) قد روى أن هذا الاحتفال بدأ في القرن الثاني، وبحسب الموسوعة الكاثوليكية فإنه بدأ في مصر. إلا أن القدماء لم يجمعوا على يوم معين لميلاد المسيح، فقد اختلفوا في ذلك كثيرًا.
عن تلك الخلافات القديمة نجد شهادة إكليمنضس السكندري (150 – 215م)؛ حيث قال: "إن بعض اللاهوتيين المصريين حددوه في 20 من شهر مايو، وقد حدده آخرون في 19 أو 20 أبريل".
وفي كتاب منسوب بالخطأ إلى كبريانوس (200 – 258م) جعل يوم مولد المسيح في 28 مارس لأنه اليوم الذي خلقت فيه الشمس.
وتنقل لنا الموسوعة الكاثوليكية عن المؤرخ الإيطالي Lupi أنه لا يوجد شهر في العام لم يدّعِ أحد المصادر المسيحية المعتبرة أن المسيح قد ولد فيه. ولهذا تقول دائرة المعارف الكتابية أنه لا يمكن تحديد اليوم ولا الشهر الذين ولد فيهما (يسوع) بدقة.
وبشكل عام كان المسيحيون حتى القرن الثالث يحتفلون بعيد الميلاد وبعيد الظهور الإلهي في يوم واحد، وهو السادس من يناير، ثم تقرر بعد ذلك الفصل بين العيدين، وأصبحت الكنائس بدءًا من القرن الرابع تحتفل بكل عيد في يوم، واختاروا الخامس والعشرين من ديسمبر للميلاد، والسادس من يناير للظهور، إلا أن الكنيسة الأرمينية ظلت على العادة الأولى تحتفل بالاثنين معًا في اليوم السادس من يناير.
وكانوا في الماضي يتبعون التقويم اليولياني، إلا أنه بعد أن ثبتت عدم دقته تحولت الكنائس إلى استخدام التقويم المتبع عالميًّا الآن وهو التقويم الميلادي، لكن الكنائس الشرقية ومنها القبطية والروسية ظلوا يستخدمون التقويم القديم، الذي يوافق فيه يومُ الخامس والعشرين من ديسمبر يومَ السابع من يناير.
فكيف تم إذن اختيار هذا اليوم للاحتفال بالميلاد؟ هناك عدة نظريات في سبب اختيار ذلك اليوم، أهمهم اثنتان.
النظرية الأولى: تقول إن هذا التاريخ جاء وفق حسبة تقول بأن يوم الحبل بيسوع هو يوم وفاته، وأن ذلك كان في 25 مارس، وهو تقليد غير إنجيلي يرجع إلى ترتليانوس، إلا أن هذا التاريخ -كما تقول الموسوعة الكاثوليكية- مستحيل تاريخيًّا، وذلك نظرًا للصعوبات التاريخية الأكبر في تحديد يوم الصلب والوفاة، وبإضافة تسعة أشهر يكون ميلاده في 25 ديسمبر.
فالأناجيل كما يقول المؤرخ القبطي الكبير عزيز سوريـال عطية في الموسوعة القبطية: "لم تحدد لا اليوم ولا الشهر الذين ولد فيهما المسيح". علاوة على أن المعلومات الموجودة بالأناجيل تؤكد صعوبة أن يكون الميلاد في شهر ديسمبر، لسببين:
الأول: قصة الإحصاء التي نجدها في [إنجيل لوقا 2: 1-3]: "وفي تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة. وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية. فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد إلى مدينته". ومثل هذا الإحصاء الذي كان يتطلب سفر عائلات بأكملها كان مستحيلًا إتمامه في الشتاء.
الثاني: قصة الرعاة الذين كان يحرسون الغنم في الليل في العراء [إنجيل لوقا 2: 8]: "وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم". ومن الصعب جدًّا أن يرعى الغنم في ليل شتاء ديسمبر في فلسطين.
النظرية الثانية: تقول بأن هذا التاريخ اختير بالمماثلة مع أعياد وثنية سابقة للمسيحية، وهي النظرية الأقوى، نظرًا للصعوبات التاريخية والحسابية التي تواجهها النظرية الأولى، وأيضًا بسبب توافقها مع النهج المسيحي في القرون الأولى.
يقول ويل ديورانت عن علاقة المسيحية بالوثنية القديمة: "إن المسيحية لم تقضِ على الوثنية، بل تبنتها، ذلك أن العقل اليوناني المحتضر عاد إلى الحياة في صورة جديدة في لاهوت الكنيسة وطقوسها".
ويقول أيضًا المؤرخ القبطي الكبير عزيز سوريال عطية، في تاريخ المسيحية الشرقية: "إن حب المصري للتدين قد خنق أمام عقله أشياء كثيرة ظلت بصماتها واضحة على الديانات السماوية اللاحقة تاريخيًّا. ويبدو هذا واضحًا فيما تسرب من العقائد القديمة إلى الديانة المسيحية بوجه خاص".
فمن أي الأعياد الوثنية نقل الاحتفال بعيد الميلاد؟
يبدو أن الاحتفال بعيد الميلاد اخترع ليحاكي عيد الشمس التي لا تقهر، Natalis Invicti؛ حيث إن الاحتفال بهذا العيد كان منتشرًا بشدة في الإمبراطورية الرومانية، ويؤكد تلك المعلومة ما نجده في معجم الإيمان المسيحي لصبحي حموي اليسوعي، وأيضًا في الموسوعة الكاثوليكية، وفي مئات المراجع التاريخية والمسيحية التي لا مجال لسردها.
وأيضًا بسبب ارتباط هذا اليوم بالديانة الميثرائية، كما يخبرنا سلوان موسى في كتابه سر التجسد، وويل ديورانت في قصة الحضارة. ويقول ويل ديورانت أيضًا في مباهج الفلسفة إن: "عيد الميلاد Christmas في الأصل عيدًا مصريًّا خاصًّا بمولد الشمس، أي عند الانقلاب الشتوي حين يتحرك الفلك المقدس شمالًا، وتأخذ الأيام تطول".
إلا أنه بالرغم من أن هذا التاريخ غير مبني على أي أساس تاريخي حقيقي، بل هو فقط محاولة من الكنيسة لأن تحصد أعدادًا جديدة من الوثنيين بتنصير أعيادهم الوثنية، كما تقول أ.ل. بتشر في تاريخ الأمة القبطية، وأيضًا ماهر محروس مرجان في كتاب تأثير المسيحية في مصر الفرعونية، إلا أن بعض الآباء يعتقدون أن المسيح ولد بالفعل في هذا اليوم، كما ورد في موسوعة Gale للأديان.
ولذلك حاولوا أن يبرروا لاهوتيًّا ذلك التماثل بين تاريخ ميلاد يسوع وتاريخ ميلاد إله الشمس الذي لا يقهر؛ فنجد مثلًا يوحنا ذهبي الفم (347 – 407م) يقول: "لكن ربنا نحن أيضًا ولد في شهر ديسمبر... في الخامس والعشرين من ديسمبر... لكنهم يسمونه عيد (الذي لا يهزم) ومَن هذا الذي لا يهزم سوى ربنا...؟ وإن كانوا يقولون إنه يوم ميلاد الشمس، فإنه هو شمس البر".
وهو هنا يشير إلى نص [سفر ملاخي 4: 2]: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها فتخرجون وتنشأون كعجول الصيرة". وهو نص من العهد القديم يعتقد المسيحيون أنه يشير إلى يسوع.
تلخيصًا لما سبق أقول إن يوم الخامس والعشرين من ديسمبر ليس يوم ميلاد المسيح، بل هو يوم العيد الوثني لميلاد الشمس، قام المسيحيون في الماضي بتنصيره من أجل كسب ود الوثنيين.

0 التعليقات :

جامعة دمياط

لعبة من سيربح المليون لعبة زوما